الفن البيزنطي:
بدأ الفن البيزنطي بالظهور في القرن
الرابع ميلادي، مرتبطًا بنشأة القسطنطينية، حيث التقت فيها الحضارات الشرقية من
فارس وسوريا ومصر، وأصبح الفن مزيجًا من المؤثرات الشرقية المنصبّة من هذه الحضارات
جميعا، وأمتد تأثير هذا الفن حتى إيطاليا في الغرب، فتصدّر الفن البيزنطي وأخذ
مكان الفن اليوناني، فأصبح الفن يتضمن الالوان والزخارف والأقبية والاقواس، وتخلى
عن البساطة ليستبدلها بالفخامة والتفاصيل، ثم امتد هذا الفن نحو الشرق في آسيا
الصغرى، وفارس، وأرمينية، ومصر وسوريا، حيث دخل الفن البيزنطي هذه البلاد مع دخول
الجيوش، وكانت موضوعات الفن بداية تقتصر على نشر عقيدة المسيحية وتمجيد الدولة، أي
أن الفن اتخذ الطابع الديني فظهر ذلك جليًا في الملابس والاقمشة ذات الزركشات، وفي
الفسيفساء والرسومات على الجدران خصوصًا في الكنائس والتي كانت تحكي قصص السيد
المسيح.
تاريخ الفن البيزنطي:
ظهر الفن البيزنطي أوَّل مرَّة في
القرن الرابع الميلادي أي في الفترة التي ظهرتْ فيها مدينة القسطنطينية، وكان هذا
الفن متأثرًا بشكل ملحوظ بالفنِّ الهلنستي والفن الروماني وفنون آسيا الصغرى
وسوريا ومصر القديمة، كما تأثر أيضًا بالفن الساساني في الدولة الساسانية
الفارسية، ومن معالم الفن البيزنطي كنيسة آيا صوفيا التي بُنيت في القرن السادس
الميلادي وتحديدًا عام 532م، ويُعدُّ هذا الفن من الأشياء التي عكست كيان الحضارة
البيزنطية بشكل دقيق، فامتزاج الفن الإغريقي والروماني والفارسي وفنون بلاد الشام
ومصر أظهر جليًّا اختلاف الدولة البيزنطية بهذه الدول واحتكاكها وتأثرها بها
أيضًا.
الصفات العامة للفن البيزنطي:
-كان الفن البيزنطي في بداياته ذات طابع
ديني بحت.
-تأثر هذا الفن بالحضارات الشرقية.
-تميز الفن البيزنطي بالقباب المبنية
على قواعد مربعة.
-ركّز الفن البيزنطي على التأثيرات
الحسّية مثل الألوان.
-يتميز الفن البيزنطي بالواقعية
التصورية.
-استخدم الفنانون الخطوط والتفاصيل الصغيرة فقط لرسم لوحاتهم .
-تشتهر الشخصيات من هذه الفترة بمظهرها المسطح والأمامي .
-أدخال عناصر المناظر الطبيعية في الرسم البيزنطي ، وخلق قدرًا
كبيرًا من العمق المكاني والمنظور في عمله.
-يتميز هذا النمط بالصلابة والحجم الثقيل ، وغياب المنظور أو
التأثيرات الوهمية ، ونقص الخطوط العريضة الواضحة ، والتلوين الغني والرائع ،
والتركيز على الخلفيات الهندسية والذهبية .
-احتضن الفن البيزنطي كلاً من الطبيعية للفسيفساء الرومانية
المتأخرة والواقعية المنمقة للنقوش العاجية المنحوتة .
-تحول الفن من الطابع الديني التمجيدي
للطابع الروحي والتأمل، كما ساد فيه الفن التشخيصي آخر الأمر.
مجالات الفن البيزنطي:
تعددت الفنون التي عرفتها الحضارة البيزنطية
وتنوعت بين فنون العمارة والنحت والتصوير والنسيج والصباغة وما بين الفسيفساء
والفريسكو وهي كالاتي:
العمارة:
كان التركيز في العمارة يتجه نحو بناء
الكنائس والتصميم الداخلي وخصوصا القبة فوق بهو مربع وكيفية موازنتها، كما ركزوا
على بناء حجرات للكنيسة واستخدموا أنواع معينة من الأثاث والاواني والمصنوعات
المعدنية التي كانت تستخدم في الشعائر الدينية، وكذلك تزيين جدران المعابد بالصور الملونة
والزخارف، واعتمدت عمارة الكنائس على وجود العديد من الأعمدة لتساعد في حمل
الأقبية الضخمة، كما العمارة أبرز مجالات الفن البيزنطي التي تضمنت إضافات بارزة
وناجحة.
النحت:
رُكِز النحت البيزنطي على التماثيل
التي تظهر صورة الجسم من الامام، مع ملاحظة أن الأجسام كانت طويلة ولا تتناسب مع
حجم الرأس، أما في نحت الوجه كان التركيز على أن يكون الوجه هادئًا والأنف مستقيم والشفاه
صغيرة ودقيقة، ونظرة العينان مستقرة.
الفسيفساء:
وهي عبارة عن قطع مربعة من الرخام الذي
يتخذ ألوانًا عدة، واستخدم لتزيين ارضيات المباني، كما اُستُخدمت الفسيفساء في
تشكيل الصور التي تُزيّن البيوت والكنائس.
التوابيت الحجرية:
كانت التوابيت تنقش عليها رسوم لشعارات
دينية، كما تضمنت صورًا لحيوانات وطيور.
التحف العاجية:
دخل العاج في الكثير من الصناعات
كاللوحات العاجية المزينة والتي تحكي قصص دينية، كما استخدم في صناعة صناديق حفظ
المجوهرات، ودخل العاج في صناعة الأثاث الديني مثل كرسي الاسقف.
تزويق المخطوطات:
يعتبر هذا الفن من المجالات التي أبدع فيها البيزنطيون،
ولقد تطور أسلوب التصوير في المخطوطات كثيرًا مارًا بمراحل عدة، حتى وصل لمرحلة
الحيوية وقوة التعبير، وقد غلب على هذه المخطوطات الطابع الديني، رغم وجود الطابع
الفنَي.
النسيج في الفن
البيزنطي:
كان فن النسيج موضة شائعة في
الإمبراطورية البيزنطية، ولذلك أنشئت معامل إمبراطورية في القسطنطينية وفي بعض
المناطق التي يمتلكها الإمبراطور. ويعود تاريخ بعض الأنسجة ذات الألوان الفاقعة،
التي كانت تبسط في الكنائس أو في القصور، إلى المرحلة المقدونية.
ويعتبر التوحيد الرائع بين الرسم
المتقن والتكوين الرائق، وبين فخامة اللون، من ثوابت الفن البيزنطي، حيث يقترن
البذخ بالبساطة، والرقة بالأبهة، والتكلف بالصرامة، والنعومة بالقوة. وتلك هي
مفارقات الأسلوب الجمالي البيزنطي، كأسلوب شرقي وغربي في نفس الوقت ، والكشف عن
الحضور القوي للعالم الآخر، ولوصف اللامرئي.
اشهر اعمال الفن البيزنطي :
آيا صوفيا:
من أجمل وأضخم وأدقّ ما تركه البيزنطيون من آثار فنية غاية في الدقة والفخامة، وقد كانت كاتدرائية أرثدوكسية قبل أن يحولها السلطان محمد الفاتح إلى مسجد ومن ثم تحولت إلى متحف يزوره الناس من كل بقاع الأرض، بناها الإمبراطور الروماني جستنيان عام ٥٣٧م مستغرقًا بنائها خمس سنوات، فدمج الحضارة البيزنطية بالشرقية.