تعريف النحت :
يعتبر النّحت من الفنون التشكيلية القديمة ، كما
أنه فرع من فروع الفن المرئي، وذلك باستخدام مواد صلبة أو بلاستيكية لصنع
أشكال فنية وتكوين مجسمات بأبعاد ثلاثية إما على شكل
إنسان ،أو حيوان ، أو أي شكل تجريدي آخر وتتم ممارسته على المعادن، والصخور،
والخشب، والسيراميك، ومواد أخرى متنوعة.
والأصل في عملية النحت هي
إزالة مواد معينة وإضافة مواد أخرى لإنشاء شكل فني معين، وحديثًا أصبح هناك مساحة أكبر
في استخدام المواد والعمليات، حيث يمكن عمل مجموعة فنية واسعة من المواد عن طريق
الإزالة مثل النحت أو التجميع باللحام أو القوالب وغيرها .
تاريخ عن النّحت:
يعتبر فن
النحت من أقدم الفنون فهو يتعامل مع أبعاد ثلاثية الشكل ، أما الرسم أو التصوير
فيكون بأبعاد ثنائية فقط
وهناك نماذج
النّحت التي تعود لحضارات سابقة في الزمن الروماني، والفرعوني، واليوناني، والنبطي
المتمثلّة بمدينة البتراء في الأردن، والتي يكون فيها النّحت تعبيراً عن الأجواء
المحيطة في تلك العصور.
المنحوتات الصخرية تبقى لفترات أكثر منها في
المنحوتات التي تتكوّن من مواد قابلة للضرر والتلف مثل النّحت على الخشب، أو تشكيل
الفُخار، فالمنحوتات التي بقيت لفترات طويلة هي التي وجدت في مناطق البحر المتوسط،
والهند، والصين، وإفريقيا، وأمريكا الجنوبية.
أنواع النّحت :
يقسم النحت إلى أنواع عدة منها ما يلي:
1- النحت البارز :
يكون هذا النّحت على لوح من الخشب أو الحجر، ويتم
من خلال إزالة ما حول المجسم المراد تشكيله من مواد، بحيث يصبح الشكل بارزاً عن
مستوى سطح اللوح المنحوت عليه، ومن الأمثلة لوحة "نارمر" في مصر .
2- النحت الغائر:
يتم هذا
النّحت على لوح خشبي أو حجري، من خلال إزالة المادة التي في داخل الشكل المنحوت،
بحيث يصبح الشكل غائراً إلى الداخل تحت مستوى سطح اللوح، أكثر من استخدم هذا النوع
من النّحت هم قدامى المصريين لتمثيل حياتهم اليومية، ومن الأمثلة رأس أخناتون في
مصر .
3- النحت
البارز المجسم:
يقوم هذا النحت بإزالة المادة التي حول الشكل
وإبراز الشكل المنحوت بطريقة مبالغ فيها، بحيث يظهر الشكل ملتصقاً باللوح بشكل
بسيط، أي كأنه تمثال ملتصق بلوح أو قاعدة معينة. وأكثر من أستخدم هذا النحت هم
الرومان والإغريق ، ومن الأمثلة عليه: حارس باب خور سأباد.
ديكور النحت:
بما أن النحت من الفنون فله
دور كبير في الديكور، فتنقسم أدوات الزخارف والنحت إلى ثلاث فئات رئيسة، وكل فئة
منهم صُنفت على حسب استخدامها وماذا يُصنع منها، كما تختلف أيضاً بالهيئة الخارجية
والصناعة، وهذه الفئات الثلاثة هي كالآتي:
- الأشكال المجردة: وهي الأشكال التي يُمكن
صناعتها بسهولة لتُناسب أي إطار وتُعتبر هذه الفئة واسعة الانتشار، وتم العثور على
العديد من الزخارف التجريدية في المباني الإسلامية والمكسيكية وعلى القطع الأثرية
المعدنية وغيرها .
- الأشكال ثنائية السطح: وهي الزخارف التي تحتوي على
زهور بارزة أو أشكال مستمدة من أشكال الحيوانات، وهي شائعة في الأعمال الفنية
البدائية وفي الكنائس الرومانية وخاصة الكنائس الخشبية في الدول الإسكندنافية.
- الأشكال النباتية: حيث إن هذه الأشكال تتناسب بسهولة مع أغراض تزينيه لأن أنماط نموها متغيرة ومكوناتها قابلة للتكرار بلا حدود ومن أهم هذه المكونات الأوراق والملاحق، والبراعم، والزهرة، والفاكهة.
أدوات النحت:
لقد سعى النحاتون للحصول
على أفضل المواد التي تقاوم الكسر حتى يقوموا بأعمالهم الفنية أو الثقافية أو
الدينية على أكمل وجه ، فيمكن النحت على الكثير من
الموادّ كالجبس، والخشب، والصخور والصلصال وذلك باستخدام أدوات معيّنة خاصّة لكلّ
مادة، منها الإزميل والذي يتوافر بأحجام وأشكال مختلفة، فمنها ما هو صغير، ومنها
الوسط، وآخر كبير، والتي تتوافر أيضاً برؤوس مختلفة، فمنها ذات الرأس المدبّب، والعريض،
والرفيع، حيث إنّ لكلّ نوع استخداماً مختلفاً عن النوع الآخر. كما تستخدمُ
السكاكين ذات الرؤوس المختلفة في نحت ونقش التفاصيل الصغيرة، ولكن تستخدم في نحت
الأجسام قليلة الصلابة كالصلصال، والجير، والجبس، والخشب، بالإضافة إلى استخدام
المبارد المختلفة بالنوع، والحجم، والشكل، والتي تستخدم لرسم النقوش المختلفة في
التماثيل والأجسام. وتعدّ أدوات الطَرق من الأدوات المستخدمة في تنسيق وتشذيب
الأحجار، بالإضافة إلى وجود أدوات القياس، حيث تعتبرُ من أهمّ المواد والأدوات
المستخدمة في عمليّة النحت، وذلك لتحديد أبعاد المجسّم وقياساته بشكل صحيح ودقيق.
أشهر النحاتين في العالم:
1. أوغست رودان:
يُعدّ رودان من أبرز النحاتين في القرن
التاسع عشر، وُلِدَ سنة 1840 وتوفيَ 1917، وهوَ من أصلٍ فرنسي كانَ يعمل في شبابه
ضمن مجال الزخرفة والديكور المنزلي بعدَ معاناته من رفضه المتكرر من مدرسة الفنون
الجميلة التي كانَ يطمح للدخول إليها، ولكنه لم يبتعد عن شغفه الحقيقي فقد عَمِلَ
على العديد منَ المنحوتات التي ما زالت محفوظة إلى الآن في متحف أوغست رودان ضمن
العاصمة باريس، فكانَ رودان متأثراً بالعديد منَ الفنانين الكبار(كدوناتيلو)،ولذلك قرَرَ العمل وحده، وبالفعل أبدعَ في منحوتاته وزخارفه، ومن أبرز إبداعاته
في مجال النحت العصر البرونزي( المفكر) فقد كانَ تمثال المفكر عبارة عن رجل متأمل
معَ أفكاره العميقة وقد تمت صناعته منَ البرونز على قاعدة حجرية.
2. دوناتيلو:
كانَ دوناتيلو واحداً من أبرز النحاتين الإيطاليين، فكانَ إلى جانب مايكل أنجلو يُشكّلان ثنائيان رائعاً في مجال النحت، فقد اشتهرَ دوناتيلو بحبه لهذا المجال لذلك قرَرَ دراسة النحاتة الرومانية ودمج أفكارها معَ عواطفه وتفاصيل الحياة اليومية التي يُلاحظها، كما أنهُ ولدَ في فلورنسا عام 1386 وتوفيَ في 1466، ومن أبرز تماثيل دوناتيلو الرائعة (ديفيد، القديس جورج) فقد كانَ لمنحوتاته وأعماله الفنية أثر كبير على التراث الثقافي، فكل عمل يتميز بمعناه العميق وتفاصيله المميزة.
3. بابلو بيكاسو:
يُعدّ
بابلو من أشهر النحاتين الإسبانيين في القرن العشرين، فقد كانَ بارعاً في العديد
منَ المجالات الفنية وكانَ مميزاً عن غيره منَ النحاتين في بحثه المستمر عن أشكالٍ
وأفكارٍ إبداعية جديدة ومبتكرة، بالإضافة لاستخدام تقنيات ومواد غير تقليدية، فقد
وُلِدَ بيكاسو عام 1881 وتوفيَ 1973، نشأَ ضمن أسرة فنية في مدينة مالقة
الإسبانية، فكانَ والده رساماً ويُشجعه بشكلٍ مستمر لتنمية موهبته الفريدة ، واشتهرَ
بالعديد منَ المنحوتات مثل (امرأة جالسة، رأس المرأة، امرأة في الحديقة) وقد
استخدمَ في منحوتاته العديد منَ التقنيات مثل DIY وطباعة الجص، وموادٍ مختلفة منَ الخشب
واعتمدَ على العمليات الحرفية في معظم منحوتاته.
4. نعوم جابو:
وُلِدَ نعوم سنة 1890 وتوفيَ 1977 وهوَ روسي الأصل، فقد كانَ متميزاً بمنحوتاته الفريدة والرائعة فجمعَ بينَ التنظيم الديناميكي والتجريد الهندسي في منحوتاته ونقوشاته، واستخدمَ العديد منَ المواد الجديدة (كالمعدن، الزجاج، البلاستيك) كما أنهُ درسَ الطب والفن والفلسفة في ألمانيا، وكانَ بارعاً في مجال الأعمال الفنية، لذلك واصلَ مسيرته في فن النحت مستخدماً مواد شفافة لدمج الزمن والفراغ ، وقد حصل على العديد من الجوائز.
5. لورنزو بارتوليني:
وُلِدَ لورنزو عام 1777 وتوفيَ 1850، وهوَ من أصلٍ إيطالي، كانَ من أبرز النحاتين لفترة الكلاسيكية الجديدة، فكانَ يعتمد على إظهار التفاصيل الطبيعية وعواطفه في منحوتاته التي يعمل بها، كما أنهُ درسَ الفنون الجميلة في أكاديمية فلورنتين والتحقَ بالعديد منَ الرسامين والنحاتين للتعلّم منهم، وبعدَ ذلك تعلّمَ فن النحت واشتهرَ بتماثيله النصفية والعديد منَ المنحوتات مثل (الحورية، العقرب، إليزا بونابرت).